فصل: باب ما يكون فيه الشيء غالباً عليه اسم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكتاب **


  هذا باب ما يُنصب فيه الاسمُ

لأنه لا سبيل له الى أن يكون صفةً

وذلك قولك‏:‏ هذا رجلٌ معه رجلٌ قائمين‏.‏

فهذا ينتصب لأن الهاء التي في معه معرفة فأشركَ ومثله‏:‏ مررت برجلٍ مع امرأة ملتزمين فله إضمارٌ في مع كما كان له إضمار في معه إلا أن للمضمَر في معه علَما وليس له في مع امرأة علَم إلا بالنية‏.‏

ويدلّك على أنه مضمَرٌ في النية قولُك‏:‏ مررت بقومٍ مع فلان أجمعون‏.‏

ومما لا يجوز فيه الصفة‏:‏ فوق الدار رجلٌ وقد جئتك برجل آخَر عاقلَين مسلمين‏.‏

وتقول‏:‏ اصنعْ ما سَرّ أخاك وأحبَّ أبوك الرجلان الصالحان على الابتداء وتنصبه على المدح والتعظيم كقول الخِرْنق من قيس بن ثعلبة‏:‏ لا يَبعَدنْ قومي الذين هُمُ سَمُّ العُداةِ وآفةُ الجُزْرِ النازلين بكل معترَكٍ والطيبون معاقدَ الأزْرِ ولا يكون نصبُ هذا كنصب الحال وإن كان ليس فيه الألف واللام لأنك لم تجعل في الدار رجل وقد جئتك بآخر في حال تنبيهٍ يكونان فيه لإشارة ولا في حال عمَلٍ يكونان فيه لأنه إذا قال‏:‏ هذا رجلٌ مع امرأة أو مررت برجلٍ مع امرأة فقد دخل الآخرُ مع الأول في التنبيه والإشارة وجعلتَ الآخِرَ في مرورك فكأنك قلت‏:‏ هذا رجلٌ وامرأة ومررت برجلٍ وامرأةٍ‏.‏

وأما الألف واللام فلا يكونان حالاً البتة لو قلت‏:‏ مررت بزيدٍ القائمَ كان قبيحاً إذا أردت قائماً‏.‏

وإن شئت نصبتَ على الشّتم وذلك قولك‏:‏ اصنعْ ما ساء أباك وكرِه أخوك الفاسقين الخبيثين‏.‏

وإن شاء ابتدأ‏.‏

ولا سبيل الى الصفة في هذا ولا في قولك‏:‏ عندي غُلام وقد أتيتُ بجارية فارهين لأنك لا تستطيع أن تجعل فارهين صفةً للأول والآخِر ولا سبيل الى أن يكون بعض الاسم جرّاً وبعضه رفعاً فلما كان كذلك صار بمنزلة ما كان معه معرفة من النكرات لأنه لا سبيل الى وصف هذا كما أنه لا سبيل الى وصف ذلك فجُعل نصباً كأنه قال‏:‏ عندي عبد الله وقد أتيت بأخيه فارهين جعل الفارهين ينتصبان على‏:‏ النازلينَ بكلِّ معترَكٍ وفرّوا من الإحالة في عندي غلامٌ وأُتيتُ بجارية الى الصب كما فرّوا إليه في قولهم‏:‏ فيها قائماً رجلٌ‏.‏

واعلم أنه لا يجوز أن تصف النكرة والمعرفة كما لا يجوز وصفُ المختلفين وذلك قولك‏:‏ هذه ناقة وفصيلها الراتعان‏.‏

فهذا محال لأن الراتعان لا يكونان صفةً للفصيل ولا للناقة ولا تستطيع أن تجعل بعضَها نكرةً وبعضَها معرفةً‏.‏

وهذا قول الخليل رحمه الله‏.‏

وزعم الخليل أن الجرّين أو الرفعين إذا اختلفا فهما بمنزلة الجرّ والرفع وذلك قولك‏:‏ هذا رجلٌ وفي الدار آخَرُ كريمين‏.‏

وقد أتاني رجلٌ وهذا آخَرُ كريمين لأنهما لم يرتفعا من وجهٍ واحد‏.‏

وقبّحه بقوله‏:‏ هذا لابن إنسانَين عندنا كِراماً فقال‏:‏ الجرّ ههنا مختلفٌ ولم يُشرَك الآخِرُ فيما جرّ ومثل ذلك‏:‏ هذه جارية أخَوَي ابنين لفلان كِراماً لأن أخَوَي ابنين اسمٌ واحدٌ والمضاف إليه الآخِرُ منتهاه ولم يُشركِ الآخِرَ بشيء من حروف الإشراك فيما جرّ الاسم الأول‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ هذا فرسُ أخَوَي ابنَيْك العُقلاء الحُلَماء لأن هذا في المعرفة مثل ذاك في النكرة فلا يكون الكرام والعقلاء صفة للأخوين والابنين ولا يجوز أن يُجرى وصفاً لما انجرّ من وجهين كما لم يجز فيما اختلف إعرابُه‏.‏

ومما لا تجري الصفةُ عليه نحوُ هذان أخواك وقد تولّى أبواك الرجالُ الصالحون إلا أن ترفعه على الابتداء أو تنصبه على المَدْح والتعظيم‏.‏

وسألتُ الخليل رحمه الله عن‏:‏ مررت بزيدٍ وأتاني أخوه أنفسهما فقال‏:‏ الرفع على هما صاحباي أنفسهما والنصب على أعنيهما ولا مدح فيه لأنه ليس مما يُمدح به‏.‏

وتقول‏:‏ هذا رجلٌ وامرأتُه منطلقان وهذا عبد الله وذاك أخوك الصالحان لأنهما ارتفعا من وجهٍ واحد وهما اسمان بُنيا على مبتدأين وانطلق عبد الله ومضى أخوك الصالحان لأنهما ارتفعا بفعلين وذهب أخوك وقَدِم عمرو الرجلان الحليمان‏.‏

واعلم أنه لا يجوز‏:‏ مَن عبد الله وهذا زيدٌ الرجلين الصالحين رفعتَ أو نصبتَ لأنك لا تُثني إلا على من أثبتّه وعلمتَه ولا يجوز أن تَخلِط من تعلم ومن لا تعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة وإنما

  هذا باب ما ينتصب لأنه حالٌ صار فيها المسئول والمسئول عنه

وذلك قولك‏:‏ ما شأنُك قائماً وما شأن زيدٍ قائماً وما لأخيك قائماً‏.‏

فهذا حالٌ قد صار فيه وانتصب بقولك‏:‏ ما شأنُك كما ينتصب قائماً في قولك‏:‏ هذا عبد الله قائماً بما قبله‏.‏

وسنبين هذا في موضعه إن شاء الله تعالى‏.‏

وفيه معنى لِمَ قمتَ في ما شأنُك وما لكَ‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ فما لَهُم عن التّذكِرَة مُعرضين ‏"‏‏.‏

ومثل ذلك مَن ذا قائماً بالباب على الحال أي مَن ذا الذي هو قائمٌ بالباب‏.‏

هذا المعنى تريد‏.‏

وأما العامل فيه فبمنزلة هذا عبدُ الله لأن مَن مبتدأ قد بُني عليه اسم‏.‏

وكذلك‏:‏ لمن الدارُ مفتوحاً بابُها‏.‏

أما قولهم‏:‏ مَن ذا خيرٌ منك فهو على قوله‏:‏ من الذي هو خيرٌ منك لأنك لم ترد أن تشير أو تومِئ الى إنسان قد استبان لك فضلُه على المسئول فيُعلِمَكه ولكنك أردت مَن ذا الذي هو أفضل منك‏.‏

فإن أومأتَ الى إنسان قد استبان لك فضلُه عليه فأردتَ أن يُعلِمَكَه نصبتَ خيراً منك كما قلت‏:‏ مَن ذا قائماً كأنك قلت‏:‏ إنما أريد أن أسألك عن هذا الذي قد صار في حالٍ باب ما ينتصب على التعظيم والمدح وإن شئت جعلته صفةً فجرى على الأول وإن شئت قطعتَه فابتدأتَه‏.‏

وذلك قولك‏:‏ الحمد لله الحميد هو والحمد لله أهلَ الحمد والمُلك لله أهلَ المُلك‏.‏

ولو ابتدأته فرفعتَه كان حسناً كما قال الأخطل‏:‏ نفسي فداء أمير المؤمنين إذا أبدى النواجذَ يومٌ باسلٌ ذكَرُ الخائضُ الغمرَ والميمونُ طائره خليفةُ الله يُستسقى به المطرُ وأما الصفة فإن كثيراً من العرب يجعلونه صفةً فيُتبعونه الأولَ فيقولون‏:‏ أهلِ الحمد والحميد هو وكذلك الحمد لله أهلِه‏:‏ إن شئت جررت وإن شئت نصبت‏.‏

وإن شئت ابتدأت كما قال مُهلهِل‏:‏ ولقد خبطن بيوتَ يشكُرَ خبطةً أخوالنا وهمُ بنو الأعمامِ وسمعنا بعض العرب يقول‏:‏ ‏"‏ الحمد لله ربَّ العالمين ‏"‏ فسألت عنها يونس فزعم أنها عربية‏.‏

ومثل ذلك قول الله عز وجلّ‏:‏ ‏"‏ لكِنِ الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلكَ والمقيمينَ الصلاةَ والمؤتون الزكاة ‏"‏‏.‏

فلو كان كله رفعاً كان جيداً‏.‏

فأما المؤمنون وقال جلّ ثناؤه‏:‏ ‏"‏ ولكنّ البرَّ مَن آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيّين وآتى المالَ على حُبه ذوي القُربى واليتامى والمساكين وابنَ السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاةَ والموفونَ بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساءِ والضراء وحين البأسِ ‏"‏‏.‏

ولو رفع الصابرين على أول الكلام كان جيداً‏.‏

ولو ابتدأتَه فرفعته على الابتداء كان جيداً كما ابتدأتَ في قوله‏:‏ ‏"‏ والمؤتون الزكاةَ ‏"‏‏.‏

ونظير هذا النصب من الشعر قول الخِرنِق‏:‏ لا يبعَدَنْ قومي الذي همُ سمُّ العُداة وآفةُ الجُزْرِ النازلين بكل مُعترَكٍ والطيبون معاقدَ الأزر فرفعُ الطيبين كرفع المؤتين‏.‏

ومثل هذا في هذا الابتداء قول ابن خياط العُكلي‏:‏ وكل قوم أطاعوا أمرَ مُرشدهم إلا نُمَيراً أمرَ غاويها الظاعنين ولما يُظعنوا أحداً والقائلون لمنْ دارٌ نُخلّيها وزعم يونس أن من العرب من يقول‏:‏ ‏"‏ النازلون بكل معترك والطيبين ‏"‏ فهذا مثل ‏"‏ والصابرين ‏"‏‏.‏

ومن العرب من يقول‏:‏ الظاعنون والقائلين فنصبُه كنصب الطيبين إلا أن هذا شتمٌ لهم وذمٌّ كما أن الطيبين مدحٌ لهم وتعظيم‏.‏

وإن شئت أجريتَ هذا كلّه على الاسم الأول وإن شئت ابتدأتَه جميعاً فكان مرفوعاً على الابتداء‏.‏

كل هذا جائز في ذين البيتين وما أشبههما كلُّ ذلك واسع‏.‏

وزعم عيسى أنه سمع ذا الرمة يُنشد هذا البيت نصباً‏:‏ لقد حملتْ قيسُ بن عَيلانَ حربَها على مستقلّ للنوائب والحربِ أخاها إذا كانت عِضاضاً سما لها على كل حالٍ من ذَلول ومن صعبِ زعم الخليل أن نصب هذا على أنك لم ترد أن تحدّث الناس ولا مَن تخاطب بأمرٍ جهلوه ولكنهم قد علموا من ذلك ما قد علمتَ فجعله ثناء وتعظيماً ونصبه على الفعل كأنه قال‏:‏ أذكرُ أهلَ ذاك وأذكر المقيمين ولكنه فعلٌ لا يستعمل إظهارُه‏.‏

وهذا شبيهٌ بقوله‏:‏ إنا بني فلانٍ نفعل كذا لأنه لا يريد أن يخبر مَن لا يدري أنه من بني فلان ولكنه ذكر ذلك افتخاراً وابتهاءً‏.‏

إلا أن هذا يجري على حرف النداء وستراه إن شاء الله عزّ وجلّ في بابه في باب النداء مبيّناً‏.‏

وتُرك إظهار الفعل فيه حيث ضارع هذا وأشباهه لأن إنّا بني فلان ونحوه بمنزلة النداء‏.‏

وقد ضارعه هذا الباب‏.‏

ومن هذا الباب في النكرة قول أميةَ بن أبي عائذ‏:‏ ويأوي الى نِسوة عُطّلٍ وشُعثاً مراضيعَ مثل السّعالي كأنه حيث قال‏:‏ الى نسوة عُطّل صِرنَ عنده ممن عُلم أنهن شُعثٌ ولكنه ذكر ذلك تشنيعاً لهن وتشويهاً‏.‏

قال الخليل‏:‏ كأنه قال‏:‏ وأذكرهنّ شُعثاً إلا أن هذا فعلٌ لا يُستعمل إظهارُه‏.‏

وإن شئت جررت على الصفة‏.‏

وزعم يونس أنك تقول‏:‏ مررت بزيد أخيك وصاحبك كقول الراجز‏:‏ بأعيُن منها مليحات النُّقَبْ شكلِ التِّجارِ وحلالِ المكتسَبْ كذلك سمعناه من العرب‏.‏

وكذلك قال مالك بن خويلد الخُناعي‏:‏ يا ميَّ لا يُعجز الأيامَ ذو حِيَدٍ في حَومةِ الموت رزّامٌ وفرّاسُ يحمي الصريمةَ أُحدانُ الرجال له صيدٌ ومجترئٌ بالليل همّاسُ وإن شئت حملته على الابتداء كما قال‏:‏ فَتي الناس لا يخفى عليهم مكانُه وضِرغامةٌ إن همّ بالحرب أوقعا وقال آخر‏:‏ إذا لقى الأعداء كان خلاتَهم وكلبٌ على الأدنين والجارِ نابحُ كذلك سمعناهما من الشاعرين اللذين قالاهما‏.‏

واعلم أنه ليس كل موضع يجوز فيه التعظيم ولا كل صفة يحسن أن يعظَّم بها‏.‏

لو قلت‏:‏ مررت بعبد الله أخيك صاحبَ الثياب أو البزّاز لم يكن هذا مما يعظَّم به الرجل عند الناس ولا يفخَّم به‏.‏

وأما الموضع الذي لا يجوز فيه التعظيم فأن تذكر رجلاً بنبيهٍ عند الناس ولا معروفٍ بالتعظيم ثم تعظّمه كما تعظّم النبيه‏.‏

وذلك قولك‏:‏ مررت بعبد الله الصالح‏.‏

فإن قلت مررت بقومك الكرام الصالحين ثم قلت المُطعِمين في المَحل جاز لأنه إذا وصفهم صاروا بمنزلة من قد عُرف منهم ذلك وجاز له أن يجعلهم كأنه قد عُلموا‏.‏

فاستحسن من هذا ما استحسن العربُ وأجِزْه كما أجازته‏.‏

وليس كل شيء من الكلام يكون تعظيماً لله عزّ وجلّ يكون تعظيماً لغيره من المخلوقين‏:‏ لو قلت‏:‏ الحمدُ لزيد تريد العظمةَ لم يجز وكان عظيماً‏.‏

وقد يجوز أن تقول‏:‏ مررت بقومك الكرام إذا جعلت المخاطَب كأنه قد عرفهم كما قال مررت برجلٍ زيدٌ فتُنزله منزلةَ من قال لك من هو وإن لم يتكلم به‏.‏

فكذلك هذا تُنزله هذه المنزلة وإن كان لم يعرفهم‏.‏

  باب ما يجري من الشتم مجرى التعظيم

ما أشبهه تقول‏:‏ أتاني زيدٌ الفاسقَ الخبيث‏:‏ لم يرد أن يكرره ولا يعرّفك شيئاً تُنكره ولكنه شتمه وبلغنا أن بعضهم قرأ هذا الحرف نصباً‏:‏ ‏"‏ وامرأتُه حمّالةَ الحطب ‏"‏ لم يجعل الحمالة خبراً للمرأة ولكنه كأنه قال‏:‏ أذكرُ حمّالةَ الحطب شتماً لها وإن كان فعلاً لا يُستعمل إظهاره‏.‏

وقال عروة الصعاليك العبسي‏:‏

سقَوْني الخمرَ ثم تكنّفوني ** عُداةَ الله من كذب وزورِ

إنما شتمهم بشيء قد استقر عند المخاطَبين‏.‏

وقال النابغة‏:‏

لَعمري وما عَمري عليّ بهيّنٍ ** لقد نطقتْ بُطلاً عليّ الأقارعُ

أقارعُ عَوفٍ لا أحاول غيرَها ** وجوهَ قرودٍ تبتغي من تُجاذع

وزعم يونس أنك إن شئت رفعتَ البيتين جميعاً على الابتداء تُضمر في نفسك شيئاً لو أظهرته لم يكن ما بعده إلا رفعاً‏.‏

ومثل ذلك‏:‏

متى ترَعينيْ مالكٍ وجِرانَه ** وجَنبَيْه تعلمْ أنه غيرُ ثائرِ

حِضْجَرٌ كأمّ التوأمَين توكّأَتْ ** على مِرفقيها مستهلةَ عاشرِ

وزعموا أن أبا عمرو كان ينشد هذا البيت نصباً وهذا الشعرُ لرجل معروف من أزْدِ السّراة‏:‏

قُبّح من يزني بعو ** فٍ من ذوات الخُمُرْ

الآكلَ الأشداء لا ** يحفِلُ ضوء القمر

وزعم يونس أنه سمع الفرزدق يُنشد‏:‏

كم عمةٍ لك يا جريرُ وخالةٍ ** فَدْعاءَ قد حلبتْ عليّ عِشاري

شغّارةً تَقِذُ الفصيلَ برِجْلها ** فطّارةً لقوادمِ الأبكار

جعله شتماً وكأنه حين ذكر الحلب صار من يخاطَب عنده عالماً بذلك‏.‏

ولو ابتدأه وأجراه على الأول كان ذلك جائزاً عربياً‏.‏

وقال‏:‏

طليقُ الله لم يمنُنْ عليه ** أبو داودَ وابنُ أبي كثيرِ

ولا الحجاجُ عينيْ بنتِ ماءٍ ** تقلّبُ طَرفها حَذَرَ الصّقور

فهذا بمنزلة وجوه قرودٍ‏.‏

وأما قول حسان بن ثابت‏:‏

حارِ بنَ كعب ألا أحلامَ تزجُركم ** عني وأنتم من الجُوف الجماخيرِ

لا بأس بالقوم من طُولٍ ومن عِظمٍ ** جسمُ البِغال وأحلامُ العصافير

فلم يردْ أن يجعله شتماً ولكنه أراد أن يعدّد صفاتهم ويفسّرها فكأنه قال‏:‏ أما أجسامهم فكذا وأما أحلامهم فكذا‏.‏

وقال الخليل رحمه الله‏:‏ لو جعله شتماً فنصبه على الفعل كان جائزاً‏.‏

وقد يجوز أن ينصب ما كان صفة على معنى الفعل ولا يريد مدحاً ولا ذمّاً ولا شيئاً مما ذكرت لك‏.‏

وقال‏:‏

وما غرّني حوزُ الرِّزاميّ مِحصَناً ** عواشيها بالجوّ وهو خصيبُ

ومِحصن‏:‏ اسم الرزامي فنصبه على أعني وهو فعل يظهر لأنه لم يرد أكثر من أن يعرّفه بعينه ولم يرد افتخاراً ولا مدحاً ولا ذماً‏.‏

وكذلك سُمع هذا البيت من أفواه العرب وزعموا أن اسمه مِحصَنٌ‏.‏

ومن هذا الترحم والترحم يكون بالمسكين والبائس ونحوه ولا يكون بكل صفة ولا كل اسم ولكن ترحّم بما ترحّم به العرب‏.‏

وزعم الخليل أنه يقول‏:‏ مررت به المسكين على البدل وفيه معنى الترحّم وبدله كبدل مررت به أخيك‏.‏

وقال‏:‏

فأصبحتْ بقَرْقَرى كَوانِساً ** فلا تلُمه أن ينام البائسا

وكان الخليل يقول‏:‏ إن شئت رفعته من وجهين فقلت‏:‏ مررت به البائس كأنه لما قال مررت به قال المسكين هو كما يقول مبتدئاً‏:‏ المسكين هو والبائس أنت‏.‏

وإن شاء قال‏:‏ مررت به المسكين هو والبائس أنت‏.‏

وإن شاء قال‏:‏ مررت به المسكين كما قال‏:‏ وفيه معنى الترحّم كما كان في قوله رحمةُ الله عليه معنى رحمه الله‏.‏

فما يُترحّم به يجوز فيه هذان الوجهان وهو قول الخليل رحمه الله‏.‏

وقال أيضاً‏:‏ يكون مررت به المسكين على‏:‏ المسكين مررت به وهذا بمنزلة لقيته عبد الله إذا أراد عبد الله لقيتُه‏.‏

وهذا في الشعر كثير‏.‏

وأما يونس فيقول‏:‏ مررت به المسكينَ على قوله‏:‏ مررت به مسكيناً‏.‏

وهذا لا يجوز لأنه لا ينبغي أن يجعله حالاً ويدخل فيه الألف واللام ولو جاز هذا لجاز مررت بعبد الله الظريف تريد ظريفاً‏.‏

ولكنك إن شئت حملته على أحسنَ من هذا كأنه قال‏:‏ لقيت المسكينَ لأنه إذا قال مررت بعبد الله فهو عملٌ كأنه أضمر عملاً‏.‏

وكأن الذين حملوه على هذا إنما حملوه عليه فِراراً من أن يصفوا المضمَر فكان حملهم إياه على الفعل أحسن‏.‏

وزعم الخليل رحمه الله أنه يقول إنه المسكين أحمق على الإضمار الذي جاز في مررت كأنه قال‏:‏ إنه هو المسكين أحمق‏.‏

وهو ضعيف‏.‏

وجاز هذا أن يكون فصلاً بين الاسم والخبر لأن فيه معنى المنصوب الذي أجريته مجرى‏:‏ إنا تميماً ذاهبون‏.‏

فإذا قلت‏:‏ بي المسكينَ كان الأمر أو بك المسكينَ مررت فلا يحسن فيه البدل لأنك إذا عنيت المخاطَب أو نفسَك فلا يجوز أن يكون لا يدري من تعني لأنك لست تحدّث عن غائب ولكنك تنصبه على قولك‏:‏ بنا تميماً وإن شئت رفعته على ما رفعت عليه ما قبله‏.‏

فهذا المعنى يجري على هذين الوجهين والمعنى وأما يونس فزعم أنه ليس يرفع شيئاً من الترحم على إضمار شيء يرفع ولكنه إن قال ضربته لم يقل أبداً إلا المسكين يحمله على الفعل‏.‏

وإن قال ضرباني قال المسكينان حمله أيضاً على الفعل‏.‏

وكذلك مررت به المسكين يحمل الرفعَ على الرفع والجرَّ على الجرّ والنصب على النصب‏.‏

ويزعم أن الرفع الذي فسّرنا خطأ‏.‏

وهو قول الخليل رحمه الله وابن أبي إسحاق‏.‏

  باب ما ينتصب لأنه خبر للمعروف المبني على ما هو قبله من الأسماء المبهمة

والأسماء المبهَمة‏:‏ هذا وهذان وهذه وهاتان وهؤلاء وذلك وذانك وتلك وتانك وتيك وأولئك وهو وهي وهما وهم وهنّ وما أشبه هذه الأسماء وما ينتصب لأنه خبر للمعروف المبني على الأسماء غير المبهمة‏.‏

فأما المبني على الأسماء المبهمة فقولك‏:‏ هذا عبد الله منطلقاً وهؤلاء قومك منطلقين وذاك عبد الله ذاهباً وهذا عبد الله معروفاً‏.‏

فهذا اسمٌ مبتدأ يبنى عليه ما بعده وهو عبد الله‏.‏

ولم يكن ليكون هذا كلاماً حتى يُبنى عليه أو يبنى على ما قبله‏.‏

فالمبتدأ مُسند والمبني عليه مسند إليه فقد عمل هذا فيما بعده كما يعمل الجارّ والفعل فيما بعده‏.‏

والمعنى أنك تريد أن تنبهه له منطلقاً لا تريد أن تعرّفه عبد الله لأنك ظننت أنه يجهله فكأنك قلت‏:‏ انظر إليه منطلقاً فمنطلقٌ حالٌ قد صار فيها عبد الله وحالَ بين منطلق وهذا كما حال بين راكب والفعل حين قلت‏:‏ جاء عبد الله راكباً صار لعبد الله وصار الراكب حالاً‏.‏

فكذلك هذا‏.‏

وذاك بمنزلة هذا‏.‏

إلا أنك إذا قلت ذاك فأنت تنبهه لشيء مُتراخ‏.‏

وهؤلاء بمنزلة هذا وأولئك بمنزلة ذاك وتلك بمنزلة ذاك‏.‏

فكذلك هذه الأسماء المبهمة التي توصَف بالأسماء التي فيها الألف واللام‏.‏

وأما هو فعلامة مضمَر وهو مبتدأ وحال ما بعده كحاله بعد هذا‏.‏

وذلك قولك‏:‏ هو زيد معروفاً فصار المعروف حالاً‏.‏

وذلك أنك ذكرت للمخاطَب إنساناً كان يجهله أو ظننت أنه يجهله فكأنك قلت‏:‏ أثبتْه أو الزَمْه معروفاً فصار المعروف حالاً كما كان المنطلق حالاً حين قلت‏:‏ هذا زيد منطلقاً‏.‏

والمعنى أنك أردت أن توضّح أن المذكور زيد حين قلت معروفاً ولا يجوز أن تذكر في هذا الموضع إلا ما أشبه المعروف لأنه يعرّف ويؤكّد فلو ذكر هنا الانطلاق كان غير جائز لأن الانطلاق لا يوضّح أنه زيد ولا يؤكده‏.‏

ومعنى قوله معروفاً‏:‏ لا شك وليس ذا في منطلق‏.‏

وكذلك هو الحق بيّناً ومعلوماً لأن ذا مما يوضَّح ويؤكَّد به الحقّ‏.‏

وكذلك هي وهما وهم وهنّ وأنا وأنت وإنه‏.‏

قال ابن دارة‏:‏ وقد يكون هذا وصواحبه بمنزلة هو يعرَّف به تقول‏:‏ هذا عبد الله فاعرفْه إلا أن هذا علامةً للمضمَر ولكنك أردت أن تعرّف شيئاً بحضرتك‏.‏

وقد تقول‏:‏ هو عبد الله وأنا عبد الله فاخراً أو مُوعداً‏.‏

أي اعرِفْني بما كنتَ تعرف وبما كان بلغك عني يم يفسّر الحال التي كان يعلمه عليها أو تبلغه فيقول‏:‏ أنا عبد الله كريماً جواداً وهو عبد الله شجاعاً بطلاً‏.‏

وتقول‏:‏ إني عبد الله مصغِّراً نفسه لربّه ثم تفسّر حال العبيد فتقول‏:‏ آكِلاً كما تأكل العبيد‏.‏

وإذا ذكرت شيئاً من هذه الأسماء التي هي علامة للمضمَر فإنه مُحال أن يظهر بعدها الاسم إذا كنت تُخبر عن عمل أو صفة غير عمل ولا تريد أن تعرّفه بأنه زيدٌ أو عمرو‏.‏

وكذلك إذا لم توعد ولم تفخر أو تصغّر نفسك لأنك في هذه الأحوال تعرّف ما تُرى أنه قد جُهل أو تُنزل المخاطَب منزلة من يجهل فخراً أو تهدُّداً أو وعيداً فصار هذا كتعريفك إياه باسمه‏.‏

وإنما ذكر الخليل رحمه الله هذا لنعرف ما يُحال منه وما يَحسن فإن النحويين مما يتهاونون بالخلفْ إذا عرفوا الإعراب‏.‏

وذلك أن رجلاً من إخوانك ومعرفتك لو أراد أن يخبرك عن نفسه أو عن غيره بأمر فقال‏:‏ أنا عبد الله منطلقاً وهو زيد منطلقاً كان مُحالاً لأنه إنما أراد أن يخبرك بالانطلاق ولم يقل هو ولا أنا حتى استغنيت أنت عن التسمية لأن هو وأنا علامتان للمضمَر وإنما يضمِر إذا علم أنك عرفت من يعني‏.‏

إلا أن رجلاً لو كان خلفَ حائط أو في موضع تجهله فيه فقلت من أنت فقال‏:‏ أنا عبد الله منطلقاً في حاجتك كان حسناً‏.‏

وأما ما ينتصب لأنه خبر مبنيّ على اسم غير مبهم فقولك‏:‏ أخوك عبد الله معروفاً‏.‏

هذا يجوز فيه جميع ما جاز في الاسم الذي بعد هو وأخواتها‏.‏

  هذا باب ما غلبت فيه المعرفة النكرة

وذلك قولك‏:‏ هذان رجلان وعبد الله منطلقين‏.‏

وإنما نصبت للمنطلقين لأنه لا سبيل الى أن يكون صفةً لعبد الله ولا أن يكون صفة للإثنين فلما كان ذلك مُحالاً جعلته حالاً صاروا فيها كأنك قلت‏:‏ هذا عبد الله منطلقاً‏.‏

وهذا شبيه بقولك‏:‏ هذا رجل مع امرأةٍ قائمَيْن‏.‏

وإن شئت قلت‏:‏ هذان رجلان وعبد الله منطلقان لأن المنطلقين في هذا الموضع من اسم الرجلين فجريا عليه‏.‏

وتقول‏:‏ هؤلاء ناسٌ وعبد الله منطلقين إذا خلطتَهم‏.‏

ومن قال‏:‏ هذان رجلان وعبد الله منطلقان قال‏:‏ هؤلاء ناس وعبد الله منطلقون لأنه لم يُشرك بين عبد الله وبين ناسٍ في الانطلاق‏.‏

وتقول‏:‏ هذه ناقة وفصيلها راتعين‏.‏

وقد يقول بعضهم‏:‏ هذه ناقة وفصيلها راتعان‏.‏

وهذا شبيه بقول من قال‏:‏ كل شاةٍ وسخلتها بدرهم إنما يريد كل شاةٍ وسخلة لها بدرهم‏.‏

ومن قال كل شاةٍ وسخلتها فجعله يمنزلة كل رجل وعبد الله منطلقاً لم يقل في الراتعين إلا النصب لأنه إنما يريد حينئذ المعرفة ولا يريد أن يُدخل السخلة في الكل لأن كل لا يدخل في هذا الموضع إلا على النكرة‏.‏

والوجه كل شاةٍ وسخلتها بدرهم وهذه ناقة وفصيلها راتعين لأن هذا أكثر في كلامهم وهو القياس‏.‏

والوجه الآخر قد قاله بعض العرب‏.‏

  هذا باب ما يجوز فيه الرفع مما ينتصب في المعرفة

وذلك قولك‏:‏ هذا عبد الله منطلقٌ حدّثنا بذلك يونس وأبو الخطاب عمن يوثق به من العرب‏.‏

وزعم الخليل رحمه الله أن رفعه يكون على وجهين‏:‏ فوجهٌ أنك حين قلت‏:‏ هذا عبد الله أضمرت هذا أو هو كأنك قلت هذا منطلق أو هو منطلق‏.‏

والوجه الآخر‏:‏ أن تجعلهما جميعاً خبراً لهذا كقولك‏:‏ هذا حلوٌ حامضٌ لا تريد أن تنقض الحلاوة ولكنك تزعم أنه جمع الطعمين‏.‏

وقال الله عز واجلّ‏:‏ ‏"‏ كلا إنها لظى‏.‏

نزّاعة قال‏:‏ سمعنا ممن يروي هذا الشعر من العرب يرفعه‏:‏ من يكُ ذا بتّ فهذا بتّي مقيّظٌ مصيّفٌ مشتي وأما قول الأخطل‏:‏ ولقد أبيتُ من الفتاة بمنزل فأبيتُ لا حرجٌ ولا محرومُ فزعم الخليل رحمه الله أن هذا ليس على إضمار أنا‏.‏

ولو جاز هذا على إضمار أنا لجاز‏:‏ كان عبد الله لا مسلمٌ ولا صالح على إضمار هو‏.‏

ولكنه فيما زعم الخليل رحمه الله‏:‏ فأبيت بمنزلة الذي يقال لا حرجٌ ولا محروم‏.‏

ويقوّيه في ذلك قوله وهو الربيع الأسدي‏:‏ على حين أن كانت عُقَيلٌ وشائظا وكانت كلابٌ خامري أمَّ عامرِ فإنما أراد‏:‏ كانت كلاب التي يقال لها خامري أم عامر‏.‏

وقد زعم بعضهم أن رفعه على النفي كأنه قال‏:‏ فأبيتُ لا حرج ولا محروم بالمكان الذي أنا به‏.‏

وقال الخليل رحمه الله‏:‏ كأنه حكاية لما كان يُتكلّم به قبل ذلك فكأنه حكى ذلك اللفظ كما قال‏:‏ كذَبْتُم وبيتِ الله لا تنكحونَها بني شابَ قرناها تصُرُّ وتحلُبُ أي بني من يقال له ذلك‏.‏

وقد يكون رفعه على أن تجعل عبد الله معطوفاً على هذا كالوصف فيصير كأنه قال‏:‏ عبد الله منطلقٌ‏.‏

وتقول‏:‏ هذا زيدٌ رجلٌ منطلقٌ على البدل كما قال تعالى جدُّه‏:‏ ‏"‏ بالناصية‏.‏

ناصيةٍ كاذبةٍ ‏"‏‏.‏

فهذه أربعة أوجه في الرفع‏.‏

  هذا باب ما يرتفع فيه الخبر لأنه مبني على مبتدأ

أو ينتصب فيه الخبر لأنه حال لمعروفٍ مبني على مبتدأ

فأما الرفع فقولك‏:‏ هذا الرجل منطلقٌ فالرجل صفة لهذا وهما بمنزلة اسم واحد كأنك قلت‏:‏ هذا منطلقٌ‏.‏

قال النابغة‏:‏ توهّمتُ آياتٍ لها فعرفتُها لستة أعوام وذا العام سابعُ كأنه قال‏:‏ وهذا سابعٌ‏.‏

وأما النصب فقولك‏:‏ هذا الرجل منطلقاً جعلتَ الرجل مبنياً على هذا وجعلت الخبر حالاً له قد صار فيها فصار كقولك‏:‏ هذا عبد الله منطلقاً‏.‏

وإنما يريد في هذا الموضع أن يُذكَر المخاطَب برجلٍ قد عرفه قبل ذلك وهو في الرفع لا يريد أن يُذكره بأحد وإنما أشار فقال هذا منطلقٌ فكأن ما ينتصب من أخبار المعرفة ينتصب على أنه حالٌ مفعول فيها لأن المبتدأ يعمل فيما بعده كعمل الفعل فيما يكون بعده ويكن فيه معنى التنبيه والتعريف ويحولُ بين الخبر والاسم المبتدأ كما يحول الفاعل بين الفعل والخبر فيصير الخبر حالاً قد ثبت فيها وصار فيها كما كان الظرف موضعاً قد صِيرَ فيه بالنية وإن لم يذكر فعلاً‏.‏

وذلك أنك إذا قلت فيها زيدٌ فكأنك قلت استقرّ فيها زيد وإن لم تذكر فعلاً والنصب بالذي هو فيه كانتصاب الدرهم بالعشرين لأنه ليس من صفته ولا محمولاً على ما حُمل عليه فأشبه عندهم ضاربٌ زيداً‏.‏

وكذلك هذا عمل فيما بعده عمل الفعل وصار منطلقٌ حالاً فانتصب بهذا الكلام انتصابَ راكب بقول‏:‏ مرّ زيد راكباً‏.‏

وأما قوله عز وجلّ ‏"‏ هو الحقُّ مصدّقاً ‏"‏ فإن الحق لا يكون صفةً لهو من قبل أن هو اسم مضمَر والمضمر لا يوصَف بالمظهر أبداً لأنه قد استغنى عن الصفة‏.‏

وإنما تُضمِر الاسم حين يستغنى بالمعرفة فمن ثمّ لم يكن في هذا الرفع كما كان في هذا الرجلُ‏.‏

ألا ترى أنك لو قلت‏:‏ مررت بهو الرجل لم يجز ولم يَحسن ولو قلت‏:‏ مررت بهذا الرجل كان حسناً جميلاً‏.‏

  باب ما ينتصب فيه الخبر

لأنه خبر لمعروف يرتفع على الابتداء قدّمته أو أخرته وذلك قولك‏:‏ فيها عبد الله قائماً وعبد الله فيها قائماً‏.‏

فعبد الله ارتفع بالابتداء لأن الذي ذكرت قبله وبعده ليس به وإنما هو موضعٌ له ولكنه يجري مجرى الاسم المبني على ما قبله‏.‏

ألا ترى أنك لو قلت‏:‏ فيها عبد الله حسُن السكوت وكان كلاماً مستقيماً كما حسن واستُغنى في قولك‏:‏ هذا عبد الله‏.‏

وتقول‏:‏ عبد الله فيها فيصير كقولك عبد الله أخوك‏.‏

إلا أن عبد الله يرتفع مقدَّماً كان أو مؤخراً بالابتداء‏.‏

ويدلّك على ذلك أنك تقول‏:‏ إن فيها زيداً فيصير بمنزلة قولك‏:‏ إن زيداً فيها لأن فيها لما صارت مستقَراً لزيد يستغني به السكوت وقعَ موقع الأسماء كما أن قولك‏:‏ عبد الله لقيتُه يصير لقيتُه فيه بمنزلة الاسم كأنك قلت‏:‏ عبد الله منطلق فصار قولك فيها كقولك‏:‏ استقرّ عبد الله ثم أردت أن تُخبِر على أية حالٍ استقرّ فقلت قائماً فقائم حال مستقَرٌّ فيها‏.‏

وإن شئت ألغيت فيها فقلت‏:‏ فيها عبد الله قائمٌ‏.‏

قال النابغة‏:‏ فبتُّ كأني ساورتْني ضئيلةٌ من الرُقشِ في أنيابها السمُ ناقعُ وقال الهذلي‏:‏ لا درَّ درّيَ إن أطعمتُ نازلَكم قِرفَ الحتيّ وعندي البُرُّ مكنوزُ كأنك قلت‏:‏ البرُّ مكنوزٌ عندي وعبد الله قائمٌ فيها‏.‏

فإذا نصبت القائم ففيها قد حالت بين المبتدأ والقائم واستُغني بها فعمل المبتدأ حين لم يكن القائم مبنياً عليه عمل هذا زيدٌ قائماً وإنما تجعل فيها إذا رفعت القائم مستقرَّاً للقيام وموضعاً له وكأنك لو قلت‏:‏ فيها عبد الله لم يجز عليه السكوت‏.‏

وهذا يدلّك على أن فيها لا يُحدث الرفع أيضاً في عبد الله لأنها لو كانت بمنزلة هذا لم تكن لتُلغى ولو كان عبد الله يرتفع بفيها لارتفع بقولك عبد الله مأخوذٌ لأن الذي يرفع وينصب ما يستغني عليه السكوت وما لا يستغني بمنزلة واحدة‏.‏

ألا ترى أن كان تعمل عمل ضرب ولو قلت كان عبد الله لم يكن كلاماً ولو قلت ضرب عبد الله كان كلاماً‏.‏

ومما جاء في الشعر أيضاً مرفوعاً قوله لابن مقبل‏:‏ لا سافِرُ النّيّ مدخولٌ ولا هَبِجٌ عاري العظام عليه الودْع منظومُ فجميع ما يكون ظرفاً تلغيه إن شئت لأنه لا يكون آخِراً إلا على ما كان عليه أولاً قبل الظرف ويكون موضع الخبر دون الاسم فجرى في أحد الوجهين مجرى ما لا يستغني عليه السكوت كقولك‏:‏ فيك زيدٌ راغبٌ فرغبتُه فيه‏.‏

ومثل قولك فيها عبد الله قائماً‏:‏ هو لك خالصاً وهو لك خالصٌ كأن قولك هو لك بمنزلة أهبُه لك ثم قلت خالصاً‏.‏

ومن قال فيها عبد الله قائم قال هو لك خالص فيصير خالص مبنياً على هو كما كان قائم مبنياً على عبد الله وفيها لَغوٌ إلا أنك ذكرت فيها لتبيّن أين القيام وكذلك لك إنما أردت أن تبيّن لمن الخالصُ‏.‏

وقد قُرئ هذا الحرف على وجهين‏:‏ ‏"‏ قُل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةٌ يوم القيامة ‏"‏ بالرفع والنصب‏.‏

وبعض العرب يقول‏:‏ هو لك الجمّاء الغفيرُ يرفع كما يرفع الخالص‏.‏

والنصبُ أكثر لأن لجمّاء الغفير بمنزلة المصدر فكأنه قال هو لك خُلوصاً‏.‏

فهذا تمثيلٌ ولا يُتكلم به‏.‏

ومما جاء في الشعر قد انتصب خبرُه وهو مقدَّم قبل الظرف قوله‏:‏ إن لكمْ أصلَ البلاد وفرعَها فالخير فيكم ثابتاً مبذولا وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقول‏:‏ أتكلم بهذا وأنت ههنا قاعداً‏.‏

ومما ينتصب لأنه حال وقع فيه أمر قول العرب‏:‏ هو رجلُ صدقٍ معلوماً ذاك وهو رجل صدق معروفاً ذاك وهو رجل صدق بينّا ذاك كأنه قال‏:‏ هذا رجل صدق معروفاً صلاحُه فصار حالاً وقع فيه أمر لأنك إذا قلت‏:‏ هو رجل صدقٍ فقد أخبرتَ بأمر واقع ثم جعلتَ ذلك الوقوع على هذه الحال‏.‏

ولو رفعتَ كان جائزاً على أن تجعله صفةً كأنك قلت‏:‏ هو رجل معروفُ صلاحُه‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ مررت برجل حسنةٍ أمه كريماً أبوها زعم الخليل أنه أخبر عن الحُسن أنه وجبَ لها في هذه الحال‏.‏

وهو كقولك‏:‏ مررت برجلٍ ذاهبةٍ فرسُه مكسوراً سرجُها والأول كقولك‏:‏ هو رجل صدق معروفاً صدقه وإن شئت قلت معروفٌ ذلك ومعلوم ذلك على قولك‏:‏ ذاك معروفٌ وذاك معلوم‏.‏

سمعتُه من الخليل‏.‏

  هذا باب من المعرفة

يكون فيه الاسم الخاص شائعاً في الأمة

ليس واحدٌ منها أولى به من الآخر ولا يُتوهّم به واحدٌ دون آخر له اسمٌ غيره

نحو قولك للأسد‏:‏ أبو الحارث وأسامة وللثعلب‏:‏ ثُعالة وأبو الحُصَين وسَمسَم وللذئب‏:‏ دأَلان وأبو جَعدة وللضّبُع‏:‏ أمّ عامر وحَضاجر وجَعار وجيْأل وأمّ عنثل وقَثام ويقال للضِّبعان قُثَم‏.‏

ومن ذلك قولهم للغراب‏:‏ ابن بَريح‏.‏

فكل هذا يجري خبره مجرى خبر عبد الله‏.‏

ومعناه إذا قلت هذا أبو الحارث أو هذا ثُعالة أنك تريد هذا الأسد وهذا الثعلب وليس معناه كمعنى زيد وإن كانا معرفةً‏.‏

وكان خبرهما نصباً من قبل أنك إذا قلت هذا زيدٌ فزيد اسم لمعنى قولك هذا الرجل إذا أردتَ شيئاً بعينه قد عرفه المخاطَب بحلْيته أو بأمر قد بلغه عنه قد اختُص به دون من يعرف‏.‏

فكأنك إذا قلت هذا زيد قلت‏:‏ هذا الرجل الذي من حِليته ومن أمره كذا وكذا بعينه فاختُصّ هذا المعنى باسم عَلَم يلزم هذا المعنى ليُحذف الكلام وليُخرَج من الاسم الذي قد يكون نكرة ويكون لغير شيء بعينه‏.‏

لأنك إذا قلت هذا الرجل فقد يكون أن تعني كماله ويكون أن تقول هذا الرجل وأن تريد كل ذكَر تكلم ومشى على رجلين فهو رجل‏.‏

فإذا أراد أن يُخلِص ذلك المعنى ويختصه ليُعرَف من يُعنى بعينه وأمره قال زيد ونحوه‏.‏

وإذا قلت‏:‏ هذا أبو الحارث فأنت تريد هنا الأسد أي هذا الذي سمعتَ باسمه أو هذا الذي قد عرفتَ أشباهه ولا تريد أن تشير الى شيء قد عرفه بعينه قبل ذلك كمعرفته زيداً ولكنه أراد هذا الذي كل واحد من أمته له هذا الاسم فاختُصّ هذا المعنى باسم كما اختُص الذي ذكرنا بزيد لأن الأسد يتصرف تصرّف الرجل ويكون نكرة فأرادوا أسماءً لا تكون إلا معرفة وتلزم ذلك المعنى‏.‏

وإنما منع الأسد وما أشبهه أن يكون له اسمٌ معناه معنى زيد أن الأسد وما أشبهها ليست بأشياء ثابتة مقيمة مع الناس فيحتاجوا الى أسماء يعرفون بها بعضاً من بعض ولا تحفَظ حُلاها كحفظ ما يَثبت مع الناس ويقتنونه ويتخذونه‏.‏

ألا تراهم قد اختصوا الخيل والإبل والغنم والكلاب وما تثبت معهم واتخذوه بأسماء كزيد وعمرو‏.‏

ومنه أبو جُخادب وهو شيء يشبه الجندُب غير أنه أعظم منه وهو ضربٌ من الجنادب كما ومن ذلك ابنُ قِتْرة وهو ضربٌ من الحيات فكأنهم إذا قالوا هذا ابن قتْرة فقد قالوا هذا الحية الذي من أمره كذا وكذا‏.‏

وإذا قالوا بنات أوبَر فكأنهم قالوا هذا الضرب الذي من أمره كذا وكذا من الكمأة وإذا قالوا أبو جُخادب فكأنهم قالوا هذا الضرب الذي سمعتَ به من الجنادب أو رأيته‏.‏

ومثل ذلك ابنُ آوى كأنه قال هذا الضرب الذي سمعته أو رأيته من السباع فهو ضرب من السباع كما أن بنات أوبر ضربٌ من الكمأة‏.‏

ويدلك على أنه معرفة أن آوى غير مصروف وليس بصفة‏.‏

ومثل ذلك ابنُ عِرس وأم حُبَين وسامّ أبرص‏.‏

وبعض العرب يقول أبو بُريص وحمار قبّان كأنه قال في كل واحد من هذا الضرب الذي يعرَف من أحناش الأرض بصورة كذا‏.‏

وكأنه قال في المؤنث نحو أم حُبين هذه التي تعرَف من أحناش الأرض بصورة كذا‏.‏

واختصت العرب لكل ضرب من هذه الضروب اسماً على معنى الذي تعرفها به لا تدخله النكرة كما أن الذي تعرف لا تدخله النكرة كما فعلوا ذلك بزيد والأسد‏.‏

إلا أن هذه الضروب ليس لكل واحد منها اسم يقع على كل واحد من أمته يدخله المعرفة والنكرة بمنزلة الأسد يكون معرفة ونكرة ثم اختُص باسم معروف كما اختُص الرجل بزيد وعمرو وهو أبو الحارث ولكنها لزمت اسماً معروفاً وتركوا الاسم الذي تدخله المعاني المعرفة والنكرة ويدخله والتعجب كقولك‏:‏ هذا الرجل وأنت تريد أن ترفع شأنه‏.‏

ووصفُ الأسماء المبهمة نحو قولك‏:‏ هذا الرجل قائم‏.‏

فكأن هذا اسمٌ جامع لمعان‏.‏

وابن عِرس يراد به معنى واحد كما أريد بأبي الحارث وبزيد معنى واحد واستُغني به‏.‏

ومثَل هذا في بابه مثَل رجل كانت كُنيته هي الاسم وهي الكنية‏.‏

ومثَل الأسد وأبي الحارث كرجل كانت له كنية واسمٌ‏.‏

ويدلّك على أن ابن عرس وأم حُبين وسامَّ أبرص وابن مَطَر معرفة أنك لا تدخل في الذي أُضِفن إليه الألف واللام فصار بمنزلة زيد وعمرو‏.‏

ألا ترى أنك لا تقول أبو الجُخادب‏.‏

وهو قول أبي عمرو حدّثنا به يونس عن أبي عمرو‏.‏

وأما ابن قترة وحمار قبّان وما أشبههما فيدلك على معرفتهن ترك صرف ما أُضفن إليه‏.‏

وقد زعموا أن بعض العرب يقول‏:‏ هذا ابنُ عرس مُقبلٌ فرفعه على وجهين‏:‏ فوجهٌ مثل‏:‏ هذا زيد مقبل ووجه على أنه جعل ما بعده نكرة فصار مضافاً الى نكرة بمنزلة قولك هذا رجلٌ منطلق‏.‏

ونظير ذلك هذا قيسُ قُفّةٍ آخر منطلق‏.‏

وقيسُ قُفة لقب والألقاب والكُنى بمنزلة الأسماء نحو زيد وعمرو ولكنه أراد في قيس قُفة ما أراد في قوله هذا عُثمان آخر فلم يكن له بدّ من أن وعلى هذا الحد تقول‏:‏ هذا زيد منطلق كأنك قلت هذا رجل منطلق فإنما دخلت النكرة على هذا العلَم الذي إنما وُضع للمعرفة ولهذا جيء به فالمعرفة هنا الأوْلى‏.‏

وأما ابن لَبون وابن مَخاض فنكرة لأنها تدخلها الألف واللام‏.‏

وكذلك ابن ماء‏.‏

قال جرير فيما دخل فيه الألف واللام‏:‏ وابن اللَبون إذا ما لُزّ في قَرَن لم يستطع صولةَ البُزْلِ القناعيسِ وقال أبو عطاء السِّندي‏:‏ مفدَّمةً قزّاً كأن رِقابها رِقاب بنات الماء أفزَعها الرّعدُ وقال الفرزدق‏:‏ وجدنا نهشَلاً فضلَتْ فقيْماً كفضل ابن المَخاض على الفصيلِ فإذا أخرجتَ الألف واللام صار الاسم نكرةً‏.‏

قال ذو الرّمة‏:‏ ورَدتُ اعتِسافاً والثريّا كأنها على قمة الرأس ابنُ ماءٍ مُحلّقُ وكذلك ابن أفعلَ إذا كان أفعل ليس باسمٍ لشيء‏.‏

وقال ناسٌ‏:‏ كلُ ابن أفعلَ معرفة لأنه لا ينصرف‏.‏

وهذا خطأ لأن أفعل لا ينصرف وهو نكرة ألا ترى أنك تقول هذا أحمرُ قُمُذٌ فترفعه إذا جعلته صفة للأحمر ولو كان معرفةً كان نصباً

كأنّا على أولاد أحقَبَ لاحَها ** ورمْيُ السّفا أنفاسَها بِسَهامِ

جَنوبٌ ذَوَتْ عنها التناهي وأنزلتْ ** بها يومَ ذبّابِ السّبيب صيامِ

كأنه قال‏:‏ على أولاد أحقبَ صيامٍ‏.‏

  باب ما يكون فيه الشيء غالباً عليه اسم

يكون لكل من كان من أمته أو كان في صفته من الأسماء التي يدخلها الألف واللام M0 تكون نكرتُه الجامعة لما ذكرتُ لك من المعاني‏.‏

وذلك قولك فلان بنُ الصَّعِق‏.‏

والصعقُ في الأصل صفة تقع على كل من أصابه الصّعق ولكنه غلب عليه حتى صار عَلَماً بمنزلة زيد وعمرو‏.‏

وقولهم النجمُ صار علَماً للثّريا‏.‏

وكابن الصّعِق قولُهم‏:‏ ابن رألان وابنُ كُراع صار علماً لإنسان واحد وليس كل من كان ابناً لرألان وابناً لكُراع غلب عليه هذا الاسم‏.‏

فإن أخرجت الألف واللام من النجم والصّعق لم يكن معرفة من قبل أنك صيّرته معرفةً بالألف واللام كما صار ابنُ رألان معرفةً برألان فلو ألقيتَ رألان لم يكن معرفةً‏.‏

وزعم الخليل رحمه الله أنه إنما منعهم أن يُدخلوا في هذه الأسماء الألف واللام أنهم لم يجعلوا الرجل الذي سُمّي بزيد من أمةٍ كلُّ واحد منها يلزمه هذا الاسم ولكنهم جعلوه سُمّي به خاصاً‏.‏

وزعم الخليل رحمه الله أن الذين قالوا الحارث والحَسَن والعبّاس إنما أرادوا أن يجعلوا الرجل هو الشيء بعينه ولم يجعلوه سُمّي به ولكنهم جعلوه كأنه وصفٌ له غلَب عليه‏.‏

ومن قال حارثٌ وعبّاس فهو يُجريه مُجرى زيد‏.‏

وأما ما لزمته الألف واللام فلم يسقُطا منه فإنما جُعل الشيء الذي يلزمه ما يلزم كلّ واحد من أمته‏.‏

وأما الدّبَران والسِّماك والعيّوق وهذا النحو فإنما يُلزَم الألفَ واللام من قبل أنه عندهم الشيء بعينه‏.‏

فإن قال قائل‏:‏ أيقال لكل شيء صار خلف شيء دَبَران ولكل شيء عاق عن شيء عيّوق ولكل شيء سمك وارتفع سِماك فإنك قائل له‏:‏ لا ولكن هذا بمنزلة العِدل والعَديل‏.‏

والعديل‏:‏ ما عادَلك من الناس والعِدل لا يكون إلا للمتاع ولكنهم فرقوا بين البناءين ليفصلوا بين المتاع وغيره‏.‏

ومثل ذلك بناء حصين وامرأة حصان فرقوا بين البناء والمرأة فإنما أرادوا أن يُخبروا أن البناء مُحرز لمن لجأ إليه وأن المرأة محرزة لفرجها‏.‏

ومثل ذلك الرزين من الحجارة والحديد والمرأة رزان فرقوا بين ما يُحمَل وبين ما ثقُل في مجلسه فلم يخفّ‏.‏

وهذا أكثر من أن أصفه لك في كلام العرب فقد يكون الاسمان مشتقّين من شيء والمعنى فيهما واحد وبناؤهما مختلف فيكون أحد البناءين مختصاً به شيء دون شيء ليفرق بينهما‏.‏

فكذلك هذه النجوم اختُصّت بهذه الأبنية‏.‏

وكل شيء جاء قد لزم الألف واللام فهو بهذه المنزلة‏.‏

فإن كان عربياً نعرفه ولا نعرف الذي اشتُق منه فإنما ذاك لأنّا جهلنا ما علم غيرُنا أو يكون الآخِر لم يصل إليه علم وصل الى الأول المسمّي‏.‏

وبمنزلة هذه النجوم الأربعاء والثلاثاء إنما يرايد الرابع والثالث‏.‏

وكلها أخبارها كأخبار زيد وعمرو‏.‏

فإن قلت‏:‏ هذان زيدان منطلقان وهذان عَمران منطلقان لم يكن هذا الكلام إلا نكرة من قبل أنك جعلته من أمة كل رجل منها زيد وعمرو وليس واحد منها أولى به من الآخَر‏.‏

وعلى هذا الحدّ تقول‏:‏ هذا زيد منطلق‏.‏

ألا ترى أنك تقول‏:‏ هذا زيد من الزيدين أي هذا واحد من الزيدين فصار كقولك‏:‏ هذا رجل من الرجال‏.‏

وتقول‏:‏ هؤلاء عَرَفات حسنةً وهذان أبانان بيّنين‏.‏

وإنما فرقوا بين أبانين وعرفات وبين زيدَين وزيدِين من قبل أنهم لم يجعلوا التثنية والجمع علماً لرجلين ولا لرجال بأعيانهم وجعلوا الاسم الواحد علماً لشيء بعينه كأنهم قالوا إذا قلت ائتِ بزيد إنما تريد‏:‏ هاتِ هذا الشخص الذي نشير لك إليه‏.‏

ولم يقولوا إذا قلنا جاء زيدانِ فإنما نعني شخصين بأعيانهما قد عُرفا قبل ذلك وأُثبتا ولكنهم قالوا إذا قلنا قد جاء زيد فلان وزيدُ بن فلان فإنما نعني شيئين بأعيانهما فهكذا تقول إذا أردت أن تُخبر عن معروفين‏.‏

وإذا قالوا هذان أبانان وهؤلاء عرفات فإنما أرادوا شيئاً أو شيئين بأعيانهما اللذين نشير إليهما‏.‏

وكأنهم قالوا إذا قلت ائت أبانين فإنما نعني هذين الجيلين بأعيانهما اللذين نشير لك إليهما‏.‏

ألا ترى أنهم لم يقولوا‏:‏ امرر بأبان كذا وأبن كذا لم يفرقوا بينهما لأنهما جعلوا أبانين اسماً لهما يُعرفان به بأعيانهما‏.‏

وليس هذا في الأناسيّ ولا في الدواب إنما يكون هذا في الأماكن والجبال وما أشبه ذلك من قبل أن الأماكن والجبال أشياء لا تزول فيصير كل واحد من الجبلين داخلاً عندهم في مثل ما دخل فيه صاحبُه من الحال في الثّبات والخِصب والقحط ولا يشار الى واحد منهما بتعريف دون الآخر فصارا كالواحد الذي لا يزايله منه شيء حيث كان في الأناسي وفي الدواب‏.‏

والإنسانان والدابتان لا يثبتان أبداً بأنهما يزولان ويتصرفان ويشار الى أحدهما والآخر عنه غائب‏.‏

وأما قولهم‏:‏ أعطِكم سُنّة العُمَرين فإنما أُدخلت الألف واللام على عُمَرين وهما نكرة فصارا معرفة بالألف واللام كما صار الصّعِق معرفة بهما واختُصا به كما اختُص النجم بهذا الاسم فكأنهما جُعلا من آمة كل واحد منهم عُمر ثم عُرّفا بالألف واللام فصارا بمنزلة الغرِيَّيْن المشهورين بالكوفة وبمنزلة النَّسرين إذا كنتَ تعني النجمين‏.‏

  باب ما يكون الاسم فيه بمنزلة الذي في المعرفة إذا بُني على ما قبله

وبمنزلته في الاحتياج الى الحشو ويكون نكرة بمنزلة رجل‏.‏

وذلك قولك‏:‏ هذا مَن أعرف منطلقاً وهذا مَن لا أعرف منطلقاً أي هذا الذي علمتُ أني لا أعرفه منطلقاً‏.‏

وهذا ما عندي مَهيناً وأعرف ولا أعرف وعندي حشوٌ لهما يتمّان به فيصيران اسماً كما كان وقال الخليل رحمه الله‏:‏ إن شئت جعلتَ مَن بمنزلة إنسان وجعلت ما بمنزلة شيء نكرتين ويصير منطلقٌ صفةً لمن ومَهينٌ صفة لمَا‏.‏

وزعم أن هذا البيت عنده مثل ذلك وهو قول الأنصاري‏:‏ فكفى بنا فضلاً على مَن غيرِنا حبُّ النبي محمد إيّانا‏.‏

ومثل ذلك قول الفرزدق‏:‏ إني وإياك إذ حلّت بأرحُلنا كمن بواديه بعد المحل ممطورِ وأما هذا ما لديّ عنيد فرفعُه على وجهين‏:‏ على شيء لديّ عنيد وعلى هذا بعلي شيخٌ‏.‏

وقد أدخلوا في قول من قال إنها نكرة فقالوا‏:‏ هل رأيتم شيئاً يكون موصوفاً لا يُسكَت عليه فقيل لهم‏:‏ نعم يا أيها الرجل‏.‏

الرجل وصفٌ لقوله يا أيها ولا يجوز أن يُسكَت على يا أيها‏.‏

فرُب اسم لا يحسن عليه عندهم السكوت حتى يصفوه وحتى يصير وصفُه عندهم كأنه به يتم الاسم لأنهم إنما جاءوا بيا أيها ليصلوا الى نداء الذي فيه الألف واللام فلذلك جيء به‏.‏

وكذلك مَن وما إنما يُذكران لحشوهما ولوصفهما ولم يُرَد بهما خِلوَين شيء فلزمه الوصف كما لزمه الحشو وليس لهما بغير حشو ولا وصف معنى فمن ثم كان الوصف والحشو واحداً‏.‏

فالوصف كقولك‏:‏ مررت بمَن صالحٍ فصالحٍ وصف‏.‏

وإن أردتَ الحشو قلت مررت ممن صالحٌ‏.‏

والحشو لا يكون أبداً لمن وما إلا وهما معرفة‏.‏

وذلك من قبل أن الحشو إذا صار فيهما أشبهتا الذي فكما أن الذي لا يكون إلا معرفةً لا يكون ما ومَن إذا كان الذي بعدهما حشواً وهو الصلة إلا معرفة‏.‏

وتقول‏:‏ هذا مَن أعرف منطلقٌ فتجعل أعرف صفةً‏.‏

وتقول‏:‏ هذا مَن أعرف منطلقاً تجعل أعرف صلة‏.‏

وقد يجوز منطلقٌ على قولك‏:‏ هذا عبد الله منطلق‏.‏

ومثل ذلك الجمّاء الغفير فالغفير وصفٌ لازم وهو توكيد لأن الجمّاء الغفير مَثَل فلزم الغفيرُ كما لزم ما في قولك إنك ما وخَيراً‏.‏

واعلم أن كفى بنا فضلاً على مَن غيرُنا أجود وفيه ضعفٌ إلا أن يكون فيه هو لأن هو من بعض الصلة وهو نحو مررت بأيُّهم أفضلُ وكما قرأ بعض الناس هذه الآية‏:‏ ‏"‏ تماماً على الذي أحسَنُ ‏"‏‏.‏

واعلم أنه يقبح أن تقول هذا مَن منطلق إذا جعلتَ المنطلق حشواً أو وصفاً فإن أطلتَ الكلام فقلت مَن خيرٌ منك حسُن في الوصف والحشو‏.‏

زعم الخليل رحمه الله أنه سمع من العرب رجلاً يقول‏:‏ ما أنا بالذي قائلٌ لك سوءاً وما أنا بالذي قائل لك قبيحاً‏.‏

فالوصف بمنزلة الحشو المَحشو لأنه يَحسن بما بعده كما أن الحشو المحشوَّ ويقوّي أيضاً أن مَن نكرة قول عمرو بن قَميئة‏:‏ يا رُبَّ مَن يُبغض أذوادَنا رُحنَ على بغْضائه واغتدَيْنْ ورُبّ لا يكون ما بعدها إلا نكرة‏.‏

وقال أمية بن أبي الصلت‏:‏ رُبّ ما تكره النفوس من الأمر له فَرْجةٌ كحَلّ العِقالِ وقال آخر‏:‏ ألا رُبّ مَن تغتَشَّهُ لك ناصحٍ ومؤتَمن بالغَيب غيرِ أمينِ وقال آخر‏:‏ ألا رُبّ مَن قلبي له اللهَ ناصحٌ ومَن هو عندي في الظباء السوانحِ‏.‏

  باب ما لا يكون الاسم فيه إلا نكرة

وذلك قولك هذا أول فارسٍ مُقبلٌ وهذا كلُّ متاعٍ عندك موضوعٌ وهذا خيرٌ منك مقبلٌ‏.‏

ومما يدلّك على أنهن نكرة أنهن مضافات الى نكرة وتوصَف بهن النكرة‏.‏

وذلك أنك تقول فيما كان وصفاً‏:‏ هذا رجل خيرٌ منك وهذا فارسٌ أول فارسٍ وهذا مالٌ كلُّ مالٍ عندك‏.‏

ويُستدلُّ على أنهن مضافات الى نكرة أنك تصف ما بعدهن بما توصَف به النكرة ولا تصفه بما وحدّثنا الخليل أنه سمع من العرب من يوثق بعربيته يُنشد هذا البيت وهو قول الشمّاخ‏:‏ وكلُّ خليلٍ غيرُ هاضمِ نفسِه لوصلِ خليلٍ صارمٌ أو معازِرُ فجعله صفةً لكل‏.‏

وحدثني أبو الخطاب أنه سمع من يوثق بعربيته من العرب ينشد هذا البيت‏:‏ كأنّا يومَ قُرّى إ نّما نقتلُ إيّانا قبَلنا منهمُ كلَّ فتىً أبيضَ حُسّانا فجعله وصفاً لكل‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ هذا أيّما رجل منطلقٌ وهذا حسبُك من رجل منطلقٌ‏.‏

ويدلك على أنه نكرة أنك تصف به النكرة فتقول‏:‏ هذا رجل حسبُك من رجل فهو بمنزلة مثلك وضاربك إذا أردت النكرة‏.‏

ومما يوصَف به كلٌّ قول ابن أحمر‏:‏ وَلِهَت عليه كلُّ معصِفة هوجاء ليس للُبّها زَبرُ سمعناه ممن يرويه من العرب‏.‏

ومن قال هذا أول فارسٍ مقبلاً من قبل أنه لا يستطيع أن يقول هذا أولُ الفارس فيُدخل عليه الألف واللام فصار عنده بمنزلة المعرفة فلا ينبغي له أن يصفه بالنكرة وينبغي له أن يزعم أن درهماً في قولك عشرون درهماً معرفة فليس هذا بشيء وإنما أرادوا من الفرسان فحذفوا الكلام استخفافاً وجعلوا هذا يُجزِئُهم من ذلك‏.‏

وقد يجوز نصبُه على نصب‏:‏ هذا رجلٌ منطلقاً وهو قول عيسى‏.‏

وزعم الخليل أن هذا جائز ونصبُه كنصبه في المعرفة جعله حالاً ولم يجعله وصفاً‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ مررتُ برجل قائماً إذا جعلتَ الممرورَ به في حال قيامٍ‏.‏

وقد يجوز على هذا‏:‏ فيها رجلٌ قائماً وهو قول الخليل رحمه الله‏.‏

ومثل ذلك‏:‏ عليه مائةٌ بيضاً والرفعُ الوجهُ‏.‏

وعليه مائةٌ عيناً والرفعُ الوجه‏.‏

وزعم يونس أن ناساً من العرب يقولون‏:‏ مررتُ بماءٍ قِعدةَ رجلٍ والجرّ الوجهُ‏.‏

وإنما كان النصب هنا بعيداً من قبل أن هذا يكون من صفة الأول فكرهوا أن يجعلوه حالاً كما كرهوا أن يجعلوا الطويل والأخ حالاً حين قالوا‏:‏ هذا زيد الطويل وهذا عمرو أخوك وألزموا صفة النكرة كما ألزموا صفة المعرفة المعرفةَ وأرادوا أن يجعلوا حالَ النكرة فيما يكون من اسمها كحال المعرفة فيما يكون من اسمها‏.‏

وزعم مَن نثق به أنه سمع رؤبةَ يقول‏:‏ هذا غلامٌ لك مُقبلاً جعله حالاً ولم يجعله من اسم واعلم أن ما كان صفةً للمعرفة لا يكون حالاً ينتصب انتصابَ النكرة وذلك أنه لا يَحسُن لك أن تقول‏:‏ هذا زيدٌ الطويلَ ولا هذا زيدٌ أخاك من قبل أنه من قال هذا فينبغي له أن يجعله صفةً للنكرة فيقول‏:‏ هذا رجلٌ أخوك‏.‏

ومثل ذلك في القبح‏:‏ هذا زيدٌ أسودَ الناس وهذا زيدٌ سيدَ الناس حدّثنا بذلك يونس عن أبي عمرو‏.‏

ولو حسُن أن يكون هذا خبراً للمعرفة لجاز أن يكون خبراً للنكرة فتقول هذا رجلٌ سيدَ الناس من قبل أن نصب هذا رجلٌ منطلقاً كنصب هذا زيد منطلقاً فينبغي لما كان حالاً للمعرفة أن يكون حالاً للنكرة‏.‏

فليس هكذا ولكن ما كان صفةً للنكرة جاز أن يكون حالاً للنكرة كما جاز حالاً للمعرفة‏.‏

ولا يجوز للمعرفة أن تكون حالاً كما تكون النكرة فتلتبس بالنكرة‏.‏

ولو جاز ذلك لقلت‏:‏ هذا أخوك عبد الله إذا كان عبد الله اسمه الذي يُعرف به‏.‏

وهذا كلامٌ خبيث يوضع في غير موضعه‏.‏

إنما تكون المعرفة مبنياً عليها أو مبنية على اسم أو غير اسم وتكون صفةً لمعروف لتبيّنه وتؤكده أن تقطعه من غيره‏.‏

فإذا أردت الخبر الذي يكون حالاً وقع فيه الأمر فلا تضع في موضعه الاسم الذي جُعل ليوضّح المعرفة أو تبيّن به‏.‏

فالنكرة تكون حالاً وليست تكون شيئاً بعينه قد عرفه المخاطَب قبل ذلك‏.‏

  باب ما ينتصب خبره لأنه معرفة

وهي معرفة لا توصَف ولا تكون وصفاً وذلك قولك‏:‏ مررت بكلٍّ قائماً ومررتُ ببعضٍ قائماً وببعضٍ جالساً‏.‏

وإنما خروجهما من أن يكونا وصفين أو موصوفين لأنه لا يحسن لك أن تقول‏:‏ مررت بكلٍّ الصالحين ولا ببعضٍ الصالحين‏.‏

قبُح الوصف حين حذفوا ما أضافوا إليه لأنه مخالف لما يضاف شاذّ منه فلم يجرِ في الوصف مجراه‏.‏

كما أنهم حين قالوا يا أللهُ فخالفوا ما فيه الألف واللام لم يصلوا ألفَه وأثبتوها‏.‏

وصار معرفة لأنه مضاف الى معرفة كأنك قلت‏:‏ مررت بكلهم وببعضهم ولكنك حذفت ذلك المضاف إليه فجاز ذلك كما جاز‏:‏ لاهِ أبوك تريد‏:‏ لله أبوك حذفوا الألف واللامين‏.‏

وليس هذا طريقةَ الكلام ولا سبيله لأنه ليس من كلامهم أن يُضمروا الجار‏.‏

ومثله في الحذف‏:‏ لا عليك فحذفوا الاسم‏.‏

وقال‏:‏ ما فيهم يفضلك في شيء يريد ما فيهم أحد يفضلك كما أراد لا بأس عليك أو نحوه‏.‏

والشواذّ في كلامهم كثيرةٌ‏.‏

ولا يكونان وصفاً كما لم يكونا موصوفين وإنما ينضعان في الابتداء أو يُبنَيان على اسم أو غير فالابتداء نحو قوله عز وجلّ‏:‏ ‏"‏ وكلٌّ آتوه داخرين ‏"‏‏.‏

فأما جميعٌ فيجري مجرى رجلٍ ونحوه في هذا الموضع‏.‏

قال الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ وإنْ كلٌّ لما جميعٌ لدينا مُحضَرون ‏"‏ وقال‏:‏ أتيته والقومُ جميعٌ وسمعته من العرب أي مجتمعون‏.‏

وزعم الخليل رحمه الله أنه يستضعف أن يكون كلهم مبنياً على اسم أو على غير اسم ولكنه يكون مبتدأ أو يكون كلهم صفة‏.‏

فقلت‏:‏ ولمَ استضعفت أن يكون مبنياً فقال‏:‏ لأن موضعه في الكلام أن يُعمّ به غيره من الأسماء بعدما يُذكر فيكون كلهم صفةً أو مبادأ‏.‏

فالمبتدأ قولك إن قومك كلهم ذاهبٌ أو ذكر قوم فقلت‏:‏ كلهم ذاهبٌ‏.‏

فالمبتدأ بمنزلة الوصف لأنك إنما ابتدأت بعدما ذكرت ولم تبنه على شيء فعممت به‏.‏

وقال‏:‏ أكلتُ شاةً كلَّ شاةٍ حسن وأكلت كلَّ شاةٍ ضعيف لأنهم لا يعمّون هكذا فيما زعم الخليل رحمه الله‏.‏

وذلك أن كلهم إذا وقع موقعاً يكون الاسم فيه مبنياً على غيره شُبّه بأجمعين وأنفسهم ونفسه فألحق بهذه الحروف لأنها إنما توصَف بها الأسماء ولا تُبنى على شيء‏.‏

وذاك أن موضعها من الكلام أن يُعمّ ببعضها ويؤكد ببعضها بعد ما يُذكر الاسم إلا أن كلهم قد يجوز فيها أن تُبنى على ما قبلها وإن كان فيها بعض الضعف لأنه قد يُبتدأ به فهو يشبه الأسماء التي تُبنى على غيرها‏.‏

وكلاهما وكلتاهما وكلهنّ يجرين مجرى كلهم وأما جميعهم فقد يكون على وجهين‏:‏ يوصَف به المضمَر والمظهر كما يوصَف بكلهم ويُجرى في الوصف مجراه ويكون في سائر ذلك بمنزلة عامتهم وجماعتهم يُبتدأ ويُبنى على غيره لأنه يكون نكرة تدخله الألف واللام وأما كل شيء وكل رجل فإنما يبنيان على غيرهما لأنه لا يوصَف بهما‏.‏

والذي ذكرتُ لك قول الخليل ورأينا العرب توافقه بعد ما يمعناه‏.‏